بداية الكيمياءفي العصور القديمة

بدأت الكيمياء قديماً في قالبٍ يلّفه شيءٌ من الغموض والإثارة ، فقد ارتبطت ارتباطاً وثيقاً في تلك الأزمنة القديمة بالسحر والشعوذة والتنجيم ،حيث كان السحرة يجرون بعض التفاعلات الغريبة والمثيرة كتلك التفاعلات التي يحدث فيها تغّّير في اللون وتصاعد الدخان لخلق جو مناسب لأعمالهم الخسيسة والمشينة والتأثير على مرتاديهم من الجهلة والمساكين .

ومن الطبيعي في تلك الفترات أن تظهر بعض الأفكار والتصوّرات الغريبة والمضحكة والناتجة عن الفهم الخاطيء لطبيعة المادة وتركيبها فمنهم من كان يظنّ بأنّ أصل المادة هو الماء ، ومنهم من أضاف للماء ، الهواء والتراب والنار وقال بأنّ المواد تختلف عن بعضها البعض نتيجة لاختلاف نسب هذه العناصر الأربعة فيها ، ومنهم من ذكر بأنّ المادة مؤلّفة من دقائق صغيرة . ولعلّنا نذكر هنا بعض تلك الأفكار والتصوّرات الغريبة :

نظرية الفلوجستون :

نظريّة قديمة لتفسير عمليّة الاحتراق ، حيث كان يعتقد أنّ المواد حينما تحترق تطلق سائلاً يدعى الفلوجستون وتخلّف وراءها رماداً ، بمعنى أنّ المواد تتألّف من رماد وفلوجستون .

نظرية حجر الفلاسفة :

فكرة لازمت الكثير من المهتمين بالكيمياء القديمة ، فقد كانوا يعتقدون أنّه بالامكان تحويل المعادن الرخيصة كالحديد إلى معادن ثمينة كالذهب عن طريق تفاعلات كيميائية معيّنة .

فكرة اكسير الحياة :

فكرة ملخّصها أنّ هناك سائل أو مادة تطيل العمر ، وترجع الشباب ، وقد قضى الكثير من الكيميائين القدماء حياتهم في البحث عن هذا الأكسير الّذي لا وجود له بالطبع .

نظرية القوى الحيوية :

نظريّة ملخّصها أنّ المادة الحيّة تكمن بداخلها قوة حيوية لا توجد في المواد غير الحيّة ، ومعنى هذا أنّه من المستحيل الحصول على المواد ذات الأصل الحيّ من مواد غير حيّة .

الكيمياء قبل عام 1828م

كان يعتقد قديماً بأنّ العالم يتألّف
من مكونين طبيعيين :

العالم المعدني & العالم العضوي






العالم المعدني الذي ينشأ من المواد غير الحيّة والعالم العضوي الّذي ينشأ من المادة الحيّة

وقد كان الإهتمام بالعالم المعدني هو السائد في تلك العصور القديمة وهو العالم الجدير بالاهتمام في نظر الكثيرين ممّن عاشوا في تلك الفترة فتركزّت دراستهم على الصخور والمعادن والأملاح




وبعد أن تمكّن الكيميائي الألماني فريدريك فوهلر في عام 1828 للميلاد من تحضير اليوريا وهي مادة عضوية من حمض السيانيك وهو ملح معدني .

تلاشى هذا التقسيم وبدأ الإهتمام بالعالم العضوي وأصبح كلاً من العالمين محلّ اهتمام الباحثين وذلك بعد أن أصبحا تخصصين رئيسيين في الكيمياء تضمّهما مباديء كيميائية مشتركة وأسس وقواعد ثابتة .

والحقيقة أنّ الكيمياء قد قدّمت إجابات وافية ومقنعة لكثيرٍ من الأسئلة التي طرحها المراقب اليقظ منذ القدم .

فمثلاً
ماهو الهواء وممّا يتألف وما فائدته ؟
لماذا تذوب بعض المواد في الماء بينما يستعصي البعض الأخر عن الذوبان ؟
ماالسرّ في اتصّاف الماء ببعض الخصائص الفريدة والتي يتميّز بها عن كثيرٍ من المواد الأخرى ؟
إذا كانت الشمس هي مصدر طاقتنا فماهو مصدر الطاقة الشمسية؟



وكيف يتحوّل ضوء الشمس إلى طعام ووقود ؟ ما الفرق بين المادة والطاقة ؟

ممّا تتركّب الصخور والمعادن ؟ وممّا تتكون الصواعد والهوابط الكلسية التي نراها في الكهوف المثيرة للإعجاب ؟


لماذا تكون بعض المعادن والخامات ذات ألوان زاهية ؟

ماهو دور الكيمياء في نقل الصفات الموروثة من جيلٍ إلى أخر ؟

كلّ هذه التساؤلات وغيرها الكثير دفعتنا لدراسة علم الكيمياء والإهتمام به .

مفهوم علم الكيمياء

علم الكيمياء علم يهتّم بدراسة تركيب المادة وخصائصها والتغيّرات التي تطرأ عليها وتفاعل المواد مع بعضها البعض لغرض الوصول إلى اكتشافات حياتية وتطبيقات صناعية تساهم في بناء الحضارة الإنسانية وتطوّر الأمم وعمارة الأرض .



وتعتبر عمليّة التمثيل الضوئي هي أساس الحياة على هذه الأرض ، وفيها يتّم بإرادة الله تفاعل الماء الّذي يمتّص من التربة مع غاز ثاني أكسيد الكربون الّي يمتصّه النبات من الهواء الجوّي في وجود ضوء الشمس ومادة اليخضور ( الكلورفيل ) للتكّون المادة الغذائية الأساسية في هذه الحياة وهي عبارة عن مواد كربوهيدراتية بسيطة

يقول لويس باستر ( لاشيء يعطي الباحث العلمي سروراً أعظم من قيامه بعمل اكتشافات جديدة ، ولكن تتضاعف سعادته عندما تثبت ملاحظاته أنّ لها تطبيقاً مباشراً في الحياة العملية )

الكيمياء في خدمة العلوم الاخرى
الطب & الصيدلة & الزراعة & الهندسة
الطب

لقد ساهمت الكيمياء بشكلٍ كبير في تقدّم الطب بمجالاته المختلفة ، وذلك من خلال التطوّر الهائل الذّي طرأ على الكيمياء الحيوية ، والتقدّم الواسع الّذي حظيت به المواد الطبيّة التي يتم تحضيرها وصناعتها من خلال التفاعلات الكيميائية .


الصيدلة

الصيدلة علمٌ يعتمد بشكلٍ كبير على الكيمياء ، فالأدوية بأنواعها المختلفة ماهي في الحقيقة إلاّ مستحضرات كيميائية يتم تحضيرها في مختبرات الكيمياء ، كما أنّ ميكانيكية عمل الدواء في الجسم يتم فهمه من خلال تفاعلات كيميائية حيوية معقدّة .

الهندسة

علوم الهندسة ذات صلة أكيدة بالكيمياء ، وتتفاوت درجة الصلة حسب قرب التخصص أو بعده ولكن بالتأكيد كلّ مجالات الهندسة ترتبط بالكيمياء ، ولعلّ أقرب هذه المجالات إلى الكيمياء هو الهندسة الكيميائية ، التي تهتم بدراسة ظروف التفاعلات الكيميائية وتصميم المفاعلات والأجهزة والأدوات التي تتم فيها هذه التفاعلات .

الزراعة

الزراعة هي أساس وعصب الحياة ، والمزارع في حاجة ماسّة إلى كلّ ما يعينه في حرفته فهو يحتاج إلى الماء العذب والوقود والسماد الجيّد والمبيدات التي يكافح بها الحشرات التي يمكن أن تتلف محاصيله ، وكلّ هذه الأمور تقدمّها الكيمياء للزراعة والمزارعين .




الوجه المظلم للكيمياء


الكيمياء علمٌ جميلٌ ومفيد ، وما أجمل أن يستثمر العالم هذا العلم في بناء حضارة الإنسان ، حضارة البناء لا حضارة الهدم ، حضارة الخير لا حضارة الشرّ ، وبالرغم من أنّ الكيمياء قد ساهمت بشكلٍ كبير _ كما رأينا _ في بناء الحضارة الإنسانية ، إلاّ وإنّها للأسف قد استغلّت في صنع أدوات الهدم والتخريب ، والقتل والتعذيب ، وفيما يلي : بعضٌ من أوجه الكيمياء المظلمة . الأسلحة الكيميائية

التوقيع